أسامة داود يكتب: خمس ساعات انتظار بين الموت والحياة ... طوارئ الصحة بلا رد!

أسامة داود يكتب: خمس ساعات انتظار بين الموت والحياة ... طوارئ الصحة بلا رد!

طوارئ الصحة أصابها الشلل.. و"137" تحول إلى خط للموت البطيء

التنسيق.. كلمة باردة تعني انتظار الموت

الإسعاف واقف بأمر الوزير.. والمريض ينزف في مكانه

من حادثة المذيعة إلى عشرات المجهولين.. قرارات بلا رحمة

هارمل وأخواتها.. مستشفيات الشعب في أيدي الأجانب

وزير الصحة موظف عند الشعب.. لكنه يتصرف كسيّدٍ على أرواحهم

من الثانية فجرًا وحتى السابعة صباحًا ظلّت أسرة مصاب في حادث نزيف بالمخ تصارع الوقت، تنتظر رد طوارئ وزارة الصحة على الخط الساخن 137 لتوفير مكان في رعاية مركزة ولكن لا توجد استجابة.

خمس ساعات كاملة، والمريض بين الحياة والموت، بينما المستشفى التي نُقل إليها – مستشفى فوة المركزى – لا تملك سوى رعاية عادية، ولا يوجد بها استشاري أو أخصائي مخ وأعصاب.

خمس ساعات، والمريض ينازع، والإسعاف واقف في انتظار "تعليمات الوزارة" التي لا تأتي. خطوط الطوارئ مشلولة؛ إن جاء الرد فهو جاف، آلي، يأمرك بالانتظار "حتى إشعار آخر"، وكأنهم يتعمدون تأخير النقل إلى أن يُدفع بالمريض إلى مستشفى خاص أو يفارق الحياة، فيُغلق الملف دون جهد من وزارة الصحة.

أصبح التنسيق – ذلك المصطلح البارد – مرادفًا للانتظار حتى الموت. الإسعاف لا يتحرك إلا بأمر الوزارة، والوزارة لا تتحرك إلا ببطء قاتل، والضحية دائمًا هو المواطن.

أي وزير صحة هذا الذي تحول إلى "عشماوي" المصريين؟! مع الفارق الكبير: فعشماوى ينفذ أحكامًا قضائية نهائية، أما وزير الصحة فيُصدر قرارات تقتل الأبرياء بلا محاكمة، وبلا ذنب سوى أنهم مرضى أو مصابون.

وزير الصحة موظف لدى الشعب، لا سيد عليه. يتقاضى راتبه ومخصصاته من أموال المصريين، ومنحه الدستور صلاحيات تجعله مسئولًا أمام الله والسلطة والشعب عن صحة كل مواطن. لكن على أرض الواقع، قراراته لا تعرف الرحمة، ولا تُبصر إنسانية.

قضية وفاة المذيعة منذ ايام بسبب رفض مستشفى الهرم استقبالها لعدم دفع مبلغ مالي ليست إلا وجهًا ظاهرًا من جبل جليدي ضخم من الإهمال والقرارات غير الإنسانية. المدير ينفذ تعليمات الوزير، والوزير يصرّ على سياسة تجعل حياة المواطن مرهونة بالمال.

كل يوم هناك ضحايا، كل يوم هناك أرواح تزهق، ليس بالمرض أو الحوادث فقط، بل بقرارات عقيمة تصدر من مكتب الوزير. قرارات حولت المستشفيات العامة – التي بناها الشعب بماله – إلى شركات تحت قبضة المستثمرين أجانب وعرب، كما حدث مع مستشفى "هارمل" التي تحولت إلى مستشفى مؤجرة لشركة روسية، لتصبح وسيلة لابتزاز المريض المصري بدلًا من أن تكون ملجأه المجاني.

اليوم، الصحة في مصر عار على الحكومة. وزيرها خارج نطاق الإنسانية، ويجب أن يُحاكم محاكمة علنية على "عريضة سوابق" ممتدة: أرواح فقدت، مرضى تُركوا لمصيرهم، أسر باعت بيوتها لإنقاذ أبنائها، ومستشفيات حكومية جرى تفريغها وتسليمها للمستثمرين.

الحالة التي أكتب عنها اليوم – شاب يُدعى (على محمد حجاج ) أصيب في حادث على طريق فوة الثانية فجرًا – مجرد نموذج من عشرات الحالات اليومية. نُقل بمعرفة الأهالي إلى مستشفى فوة، وظل فيها خمس ساعات كاملة حتى السابعة صباحًا، وسط استغاثات متكررة لم تجد سوى صمم وبكم وبطء قاتل من طوارئ وزارة الصحة. في النهاية، لم يكن أمام الأسرة إلا أن تدفعه إلى مستشفى خاص، على أمل إنقاذه، ولو ببيع البيت أو الاستدانة ، لأن الدولة غابت، والوزير سد الأبواب أمامهم.

لقد أصبحت المستشفيات الخاصة – بتشجيع الوزير – هي البديل الوحيد، لكنها بديل يسرق أعمار الناس وأموالهم.

المواطن الغلبان لم يعد أمامه إلا خياران: الموت انتظارا لوجود مكان فى المستشفى العام، أو الحياة المؤقتة مقابل بيع ما يملك للمستشفى الخاص.